آيات محمد العمري
الاردن
من بين العالمينَ أجمعْ، اختارنيْ لأشاركه مسرح حياته، ليَمشي بي نحو أمل الغد، و نحو إشراق شمس جديدة، لم أفهم حينها لماذا أنا؟ وكيف أنا؟
و أصررت جيدا على الإجابة، كان الجوابُ فقط أنه أحبني، أنه سيهتم بي ليخرجني من عتمات الحياة وما أشعر به من وحده، لم يخبرني أنه سيكون هناك فصل ختامْ.
أكمل معي درب الحياة، استمر معي لسنوات، متأملة أن ما بدأنا به سيكْتَمل، أن قلبه حقا لي، تعشمت كثيرا حينها، ثلاث سنوات لا بل أربع حسب ما أذكر، كان لي الأمان والملجأ، كان لي الصادق، الوفي، هذا ما كنت أظنه، تحملت ثقل مزاجه، عصبيته، و أيامه الباهته، شعرت بالاكتئاب، بالشوق، بالغيره، تلخبطت مشاعري، والجميع يرون ما حل بي دون أن يستوعبوا ما بي، حاولت جاهدة أن أبقيه سري الخفي عن العالمين، فكما نعلم كتمان السر يجعله يكتمل.
مررت الفصول، صيف، خريف، شتاء، ربيع، تقاسمنا بها الكثير، شاركته خوفي من الرعد أيام الشتاء، و أهداني الورد أيام الربيع فكما يعلم أن الورد عشقي الأبدي، يفاجئني به فورد التوليب هو الأحب لقلبي، و أيام الخريف يلتقط لي صورا مع أوراق الأشجار المتساقطة فكانت ولهي لونها الخريفي المصفر،وفي فصل الصيف كان يعلم أني أحب أن التقط الصور لعيناي وأشعة الشمس منعكسة تماما عليها.
شاركني سماع الموسيقى، أهداني اغانٍ كثيرة، جعلها إدماني، من بينها كانت أغنية أغار عليها من فم المتكلم، كانت المحببة لقلبي فكلماتها كانت تبعث الأمان لقلبي، تنقلني من شعور نحو شعور، تاركا خلف كل أغنية ذكرى حتى بدوت أجمعها لأقول أنها غرام سنيني وأنها أفضل ما حصل لي.
قاسمني أيام دراستي، كان الداعم لي، يبعد عن أيامي الاستسلام، كلما حاولت السقوط، أعاد لي الطاقة والحياة، كلماته كان لها الأثر الكبير لي، في مسيرتي.
مررت معه بأروع الشعور، بوعود ووعود، لكن لم أتصور يوما أن تنتهي، لاستيقظ بعدها على فاجعة فقده، بات بعيدا، وخلف لي ذكريات، كلما تذكرتها رسمت على وجهي البسمة، لكنها تحمل بين طياتها غصة لا أظن لأحد سيفهما.
في يوم كانت الأمطار غزيرة، ويحادثني، وأنا معه على اتصال، سمعة صرخته، لكن لم أعي ما حصل، قطع الاتصال، وفوجئت بخبر فقدي له.
سرقه الموت مني، من أيامي، من حياتي، لن أستطيع سماع صوته، لن أستطيع مشاركة أحد بعدها لما يدور داخلي، بات غصة، لكنني لازلت أحاول أن لا يعلم أحد بمصابي، فمن حولي ينتظرون سقوطي جيدا،فاجعة مؤلمة بالنسبة لي، فقدته في يوم عاصف كهذا، بعد أن كانت الفرحة تغمرني، بات الحزن يغمر أرجائي، ماذا يدور؟ حاولت أن اصدق خبر وفاته، استغرق مني بعدها أشهر عديده، ظللت أراسله وأطلب منه أن يكلمني، اتصل بهاتفه ظانة أنه سيجيب، حتى ادركت حينها أني حقا فقدته للابد.
والآن مر على فراقه عامان، ومازالت ذكرياته تلاحقني، مازلت جاهدة أحاول أن أعتاد وأعتاد، لكن الأيام والمواقف تذكرني، أرفض أن اتقرب بعده من أحد، فهو الوحيد الذي استطاع امتلاكي، وكلما فكرت به اهتز كياني، أسيرة في أحلامي وأنه معي في كل لحظة رغم بعده، رغم وجوده تحت التراب، بات العالم مظلما بالنسبة لي، لكنني لازلت أتبع نهجه، أحاول تحقيق أحلامي فهو كان يريد أن يراني الأقوى، الأفضل، والأكثر نجاحا من بين أقراني، سأحافظ على عهدي له مهما كلفني الأمر، لن أكترث لما يقولوه لي، وسيبقى سري الخفي عن العالمين، راجية أن تجمعنا الجنان يوما ما، وسأظل أذكره بالخير جيدا، فلم يكن يوما سوى سعادة عارمة لقلبي ولم يكن يوما سوى ملاذ لطفٍ في أرجاء حياتي، رحمه الله وأبدله دارا خيرا من دارنا هذه ووسع قبره و غفر له، فدوما لم يكن سوى الصالح الذي اخترته أن يشاركنيأيامي، ووحده الذي جعل مني شخصا يضيء بعالمي.
لكن رغم شوقي العظيم له، الا أنني الهي نفسي بصوره، ولازلت أحتفظ بمحادثاتي معه فهي التي تواسيني في ظل ظروفي، ووحدها التي تجعل مني أضج بالطاقه.
تعليقات
إرسال تعليق