رحمة السعود
الأردن
من الصعب ان نترجم لحظة تعادل عمرا باكمله في حروف و كأننا نترجم شعورنا على ورق يعيد لنا ضجيج ما عشناه ..
قررت ان اشارككم عطر نهاية ما عشت من وحي واقعي ... لكم ازف حروفي التي لامست عمق قلبي ..على شكل قصة قصيرة بعنوان كدت أفقدها و لكن
أيقظتني أشعة الشمس المنسابة على وجهي معلنة حلول الصباح نهضت من الفراش، و فتحت النافذة ليداعب الهواء العليل وجنَتَي، و إذ بأمي تناديني لتناول الفَطُور مع أبي و إخوتي، غسلت وجهي بالماء على عجلة، و جلست على مائدة الطعام إلى جانب أخي أسامة يبلغ من العمر أربعة عشر ربيعًا.
أسامة : ما رأيك يا أبي بأن نذهب في نزهةٍ اليوم فالجو جميل؟
رد أبي قائلًا : إذا أنجزت أعمالي مبكراً نذهب إن شاء الله.
أنهينا الفَطُور، خرج أبي ليُنجز أعماله، ذهب أسامة لغرفته، و بقيت رؤى أختي الصغرى تلعب في غرفة المعيشة و هي في السابعة من عمرها، و حينما كنت أَهُمُّ بالذهاب لغرفتي، استوقفتني أمي قائلة: روعة سأذهب قليلًا عند جارتنا أم علي و سآخذ رؤى معي انتبهي لأسامة.
أنا : حاضر أمي.
بعد ساعتين عاد أبي للبيت.
أبي: أين والدتك؟
أجبت: عند جارتنا أم علي.
أبي مناديًا : أسامة، أسامة
أسامة : نعم يا أبي
أبي : اذهب و نادي والدتك، سنذهب في نزهة.
أسامة : حسنًا يا أبي.
بعد عشرين دقيقة سمعت صوت أمي تصرخ مستنجدةً بأبي سبقتني قدماي
إلى النافذة لأعرف سبب صراخها، صُدمت عندما علمت السبب.
أبي يسألني : ماذا يحدث ما بها والدتك؟
لم أستطع الإجابة، شعرت بأن الصدمة عقدت لساني.
خرج أبي يركض من البيت ليذهب لوالدتي، عاد أسامة للبيت و هو يبكي و يقول: رؤى دهستها سيارة و أتبع قائلًا : قلت لها سنذهب في نزهة، رَكَضَت و، و، و...... اشتد بكاؤه و لم يستطع أن يكمل.
لم أتكلم، لم أبكي فقط افترشت الأرض لعلها تحتوي وجعي.
جاء والدَي بعدما حل الظلام، أمي شاحبةٌ كما لم أرها من قبل، عيناها متورمتان من البكاء، و أبي صامت تبدو عليه قِلَّةُ الحيلة.
بادر أسامة بالسؤال : أبي كيف هي رؤى؟
أجاب والدي : هي الآن في غيبوبة ادعوا لها يا أبنائي.
كانت هذه الليلة كئيبة جدًا، لم أستطع النوم، لم أتوقف عن التفكير في رؤى؛ و انا على هذه الحال سمعت صوت همس في البيت، خرجت من غرفتي لأرى من هذا وجدت أمي تقرأ القرآن و تبكي بصوت منخفض و دموعها تنساب على وجهها، عدت لغرفتي ، وضعت رأسي على الوسادة و أخذني النوم.
استيقظت في اليوم التالي على صوت جدتي و هي تتكلم مع أمي نهضت لرؤيتها، عندما رأتني أمي قالت: سأذهب أنا و والدك إلى المستشفى ستبقى جدتك عندكم.
حضرت جدتي الفَطُور، تناولت الطعام بصعوبة، تمنيت بأن يكون كل ما يحدث حلمًا، لكنه لم يكن.
جلست لوحدي عدَّةَ ساعاتٍ قبل أن أنهار بالبكاء، جاءت جدتي على صوت بكائي، حاولَت تهدئتي و لكني لم أستطع التوقف، شعرت بانّ هناك ثِقَلًا على قلبي يأبى أن يزول.
قالت جدتي لأسامة : اذهب و نادي والدك.
بقيت أبكي عدَّةَ دقائق قبل أن يحضر والدي، وضع يده على رأسي و بدأ بتلاوة القرآن، خف الثِقَلُ قليلًا، شعرت بأنني بدأت أتنفس و لم ينهي أبي قراءته إلى أن هدأت تمامًا.
قال أبي لي و لأسامة: يا أحبائي، لا مُخرِجَ لنا من هذه المحنة سِوا الله، فلنلجأ له بالدعاء كثيرًا، و لا تفقدوا الأمل مهما بدا لكم الأمر صعبًا و مستحيلًا؛ فهناك دائما في الظُلمة شعاع من النور يخبرك أن الفرج قريب.
مرّت عدَّةُ أسابيع و الوضع كما هو، لكن في يومٍ منها حدث شيءٌ لا يغيب عن ذاكرتي أبدًا، رأيت أبي مرَّةً يصلي و يبكي بحرقةٍ لله، ثم أنهى صلاته و جلس يبكي مكفكِفًا دموعه بغترتِه.
أبي يبكي !! مشهدٌ لم أعتده من قبل.
سمعت كثيرًا من أقاربنا بأن رؤى لن تنجو من هذه الحادثة لكن أملنا بالله كان كبيرًا.
استيقظنا على مكالمةٍ من المشفى، رد أبي على الهاتف، و فجأةً أشرق وجهه
و بدأ يحمد الله و يشكُرَه.
أمي: ماذا حدث؟
أجاب أبي : رؤى استيقظت و أردف قائلًا فُرِجَت و لله الحمد.
عمت الفرحة بيتنا ، كان للفرحةِ طعم خاص بعد هذه الشدَّة ، الحمد لك يا الله رحمتك وسعت كل العباد.
تعليقات
إرسال تعليق