القائمة الرئيسية

الصفحات

Getlike

صدمة عاشق

 كنا نعيش في ذات الحي يفصل منزلينا طريق عام مليء بالسيارات رأيتها أول مرة ،  في اليوم الذي انتقلت فيه لحينا لمحتها وهي تقف خارج باب منزلهم .كانت في الخامسة، 

طفلة تحملُ وجهاً ملائكي، عينيها  زرقاوتان ،كزرقة المحيط، شعرُها أسود طويل مُنسدل ، علي كتِفيها كليل حالك الظلام ، لم تكن تُشبه محيطها كانت كوردة نامية داخل مكب نَفايات !

عشقتُها في تلك اللحظة .. بالتحديد عشقتُها وأنا إبن العاشِرة. لم أفهم ماهية شعوري إلا بعد أعوام طِوال، توالت الأيام على وانا أزداد عشقاً لها كل يوم حتى وصل بي الأمر أن انتظرها كل صباح وهي ذاهبة إلى المدرسة؛ اتبعها خِلسة دون عِلمها، أراقب من بعيد خطواتها الهادئة؛ كأنها كانت تخشى أن تُؤلم الأرض لِذا تسير بهدوءً عليها . كنت أوصلها وأقبُّع في مكاني انتظر خروجها ولم أجرؤ يوماً علي التحدث معها لم أثق أن قلبي سيصمد أمام عينيها طويلاً ، خشيتُ أن يتوقف  إذا ابتسمت لي وأنا الذي تخطفني ابتسامتها ، من بعيد وتطيرَُ بي بين النجوم، لن أصمد أمامها من قريب.

توالت السنوات وأنا على حالي معها أسير كظِلها خلفها كل يوم لم أدرك كيف مرت الأعوام؛ و هاهي الأن شابة في العشرين ،زادتها الأعوام جمالاً وزادتني عِشقا، وتعلقا بها إني أُحبها بعناد وبجنون استحالت جميع الفتيات في نظري ،إلى سراب كانت هي الحقيقة الوحيدة في عالمي. هي النور الذي كان يتسرب لعتمة كوابيسي كل ليلة ، فيحولها لأحلام وردية لازالت ابتسامتها البريئة تخطفُ قلبي كل يوم. كنت أعلم أدق تفاصيلها كنت أعلم أنها ترتدي الأسود، عندما تكون سعيدة وترتدي الوردي ،عندما تحزن، تشرب القهوة، بدون سكر في الصباح وتضيفه لها مساءً تحمل دفترها الأسود في يدها، أينما ذهبت ،لتدون كل ما يخطر لها فجاءة. 

لا تتحدث كثيراً؛ ولكنها تغني دائماً كنت استطيع تميز رائحة عطرها على بعد أمتار مني ،أُحس بقدومها إذا وطِئت قدمها منزلنا، أُميز صوت وقع خطواتها حتى، أُفكر بها ليل نهار؛ 

ولكني لم أجرؤ يوما على أخبارها.

حتي استفقت بعد غيبوبة دامت عشر سنوات كان أول يوم فيها يوم طلب مني والدها أن اسلمها لعريسها، في ليلة زِفافها لأني في مقام الأخ لها، لم يقوى قلبي على إِنتِزاعاها، منه عُنوة لذا خار جسدي، وانهارت حياتي عندما امسكها زوجها بين يديه ،

مرت الأعوام الطِوال وها أنا شيخاً في التسعين من عمري لا أذكر شيئاً  من الحياة سوى تلك الطفلة الملائكية وذاك الطفل المحب الذي كُنته.



صبا عبد الله

author-img
خدمة نشر الكترونية

تعليقات

Getlike