بم تفكر؟
الساعة الواحدة ظهراً، درجة الحرارة السابعة والثلاثون، الشمس في كبد السماء وكادت أن تلامس الأرض لولا رحمة الله علينا في موقف جاكسون وبالتحديد في موقف (الجرافة)، وقف الكادح وهو منتصب القامة يحمل حقيبة ظهر ممتلئة بسخافات الجامعة ويتصبب العرق منه وكانه ثلج يذوب من الحرارة، أَدخل يده في جيبه وأَخرج كيس( تمباك )وهو أَحد المكيفات المحلية لا يسعنا ذكر تفاصيله، أصبح يداعب الكيس بيده ليخرج منه كرة صغيرة سوداء اللون تشبه الشيكولاتة ويضعها أسفل شفتيه فتنفس الصعداء، وبعد أن انتهى من استرجاع شريط ذكريات يومه البائس؛ ابتسم ابتسامة الإنتصار وكأنه يقول ما تفسده الحياة تصلحه هذه (السفة) واستطرد قائلاً: (بتتجازف) ولم تمضي لحظات حتي انطلق مثل البرق وكأنه عداء عالمي في مارثوان صراع البقاء.
وقفتْ الحافلة أمام الجميع وخرج منها محصل الأجرة (الكمساري)وفتح الباب بلطف ونزل_ وكأنه رئيس دولة أو فنان شهير _أمام مجموعة من المعجبين
ينظرون إليه بكامل الشغف وكلهم أمل، وبدأ بعضهم في الصياح إليه:-
_ يا مدير ماشي وين؟ قالها موظف حكومي
_ يا باشا ماشي الجرافة ؟قالها كادح لا نعلم ماهيته.
_ (يا راسطة خليك سان دسيس وما تحنك في الوسخان) قالها اب جيقا.
_ (اسمعني ماشي مدني)؟قالها أحد ضحايا الخمور البلدية.
يزداد كبرياء الكمساري كلما زادت الضجة والترجي وكأنه ملك مغرور يترجاه العامة لإنقاذهم من المعانة، حتي قالت: تلك الفتاة الجميلة الحسناء لدرجة الخيال، تردي نظارة وبلوزة زرقاء، وحذاء أَنظف من أسنان الكمساري وقالت: بصوت رقيق عذب يملؤه الشجن وكأنه ليس صوتاً بشري بل موسيقي هادئة عزبة جعلت الكمساري مذهول حين قالت:(ممكن نركب يا قلب)
اِتسعت عيون الكمساري وبدأ فمه يتسع تدريجيا حتي بانت (سفته) وبدأ القلق يدب فيه، الجميع ينتظرون تلك الكلمة الحاسمة التي ستغير مصير هذه الحشود الكادحة، واستطرد كلماته بابتسامة عريضة خلفها (انبراش) في هذه الأنثي الفتاكة وبدأ وكأنه مغني راب عالمي محترف يردد ( جرافة بالبحر _ جرافة بالبحر _ جرافة بالبحر)
بقلمي
الربان الضائع
2020/10/8
حامد محمد المبارك
تعليقات
إرسال تعليق