الخير لا ينتصر دائماً بقلم | محمدعبد المالك

 - الخير لا ينتصر دائماً

•••

على عجالة من أمرنا، بل أمرنا على عجالة بِنا.

نحن في بؤرة حميدة، خبيثة، نيسر وأرجلنا تتعنت الواقع لتشق صراطاً آخر كي تُسمّيه  المسار والمثوى.

كُلّنا يعلم حقيقة الغرض مِنّا، ونقطة منتهانا، ولكن لطالما أصبحنا نجيد النّقاشة في ضروب الأيام، ونُجمّل سنام الجمل ليصلح كُرسي لأمير.

•أحلام الجوع لا تصنع مجمتعاً صالحاً

__

بُعِث الخيرُ فينا كي يدحرنا عن عناء محاربة الشر.

فتمثل في ربّ أسرة أفنى عنفوان عمره كي يجمع ثمن إمرأة تصلح زوجتاً له، ثم بعد أن تزوجها أنجبا أطفالاً  لم ينفعو مجتمهم سوى بالتبرز في الطرقات، ناهيك عن كونهم لم يُلقِّنوهم الإنسانية ، فما بالك بالأديان، الخير لا ينتصر دائماً.

•(نُقطة بتفرق)

__

ألم أخبركم برجلٍ كريم، مِعطاء بكرمِ الله، قام بدفع صدقة لبعض الفقراء، (يا له من خير)  قام بتسليمها لوسطاء أجر المناولة، فتاولها كبيرهم، ثم نائبه الذي غير من نصيب كل فرد، ثم الذي يليه، حتى وصلت لمن هم أهلها، بنصيب خمسٍ على واحد، لماذا، لأن الخير لا ينتصر دائماً.

•الإنسان يعمُر  الأرض

بينما نحن سائرون في وديان قريتنا التي هي بالقرب من إحدى الطرق الرئيسية الممهدة، وكُلّن يمتطي حماره ذاهبين إلى مورد الماء، أوقفنا رجُلٌ كان يسير بعربته من قُربنا، ثم قال:

السلام على أهل الدار، أراكم عجلة من أمركم، إلى أين أنتم ذاهبون؟

- توليت أنا الإجابة عن سؤال بلسان الحاضرين(فقد كنت في ذلك الوقت، بلسان زئاب الصحراء، وطول الحِرباء)

- وحيك، أترانا نسلك طريقاً يصلح لدابة حديد تمشي بأربع أرجل، أم أنه مكتوبٌ على أواني الماء هذه  (بائعي إسبيرات؟)

- ضحِك الرجل كثيراً ثم قال: والله منذ أن رأيتكم علِمت أنكم ذاهبون إلى مورِد ماء ولكِنّه الفُضول، ثم انصرف عنا وانصرفنا عن ناظره.

وبعد أيامٍ أتى ذلك الشخص بعربته تلك، ومعه آليات أظنها تقوم بحفر آبا  المياه، فألقى علينا السلام ثم ناداني.

ووقف من أمامي ثم اعتزر لي قائلاً: أنا فلان بن فلان، الذي إلتقيتكم في يوم كذا، وقطعت موردكم....الخ

والله ما قصدتُ إلا خيراً، وإني بعد أن أكرمني الله من فضله بفضله، فكرت بعمل أحد الأفعال التي ينتفع بها الناس

فما وجدت رأياً صائباً غير سُقيا الماء.

وها أنا ذا، أطلب منكم أن تمنحوني أرضاً، أُقيمُ عليها عملي هذا

فما قولُكم..؟

تهامسنا قليلاً،(في الحقيقة نحن لم نصدق أن هذه حقيقة لأننا لم نحلم بأكبر من ذلك، ولكن كانت هذه الشورى أمرٌ بيننا كي نشعره ببعض الهيبة التي هي لم تكُن لدينا أساساً)

-ثم قُلت له: لك هذا المكان الذي جمعنا، فافعل به ماشئت، وسنكون في غاية الدَّيَن والثناء على فضلك هذا مطلقاً.

ثم قام بحفر بئر ماء لنا في قريتنا بعد أن كُنّا نذهب لمسافة 

تُقدّر بفعل فاحشة في ليلة وضُحاها...!

ولكن لأن الإنسان لم يرى نفسه يوماً شيءٌ آخر غير أن وليٌ موكّل للخير، قام بوضع شخص حارس لهذه البئر، يقوم بحراستها ولأننا لا نملك شخص يجيد التعامل معها عندما تتعطل أو ما شاكله

كان أيضاً بمثابة فنّي أعطال.

- أوصاه مالك هذه الئر ، بأنها بئر هِبة لأهل هذه القرية، لا يدفعون نظير شرب الماء فيها حفنة من دينار.

ولكن لأن مشكلة الإنسان هي الإنسان نفسه.

مؤخراً، وليس آخراً قام هذا الشخص بتسعير الماء، وبيعها لهم بمقامل أموال، لماذا فعل ذلك، لأنه الواقع والحقيقة.

 ولأن الخير لا ينتصر دائماً، ولأجل ذلك كانت هناك دُنيا وآخره.

•واقعنا الذي يضيع مِن أمامنا

__

ألم أخبركم بصديقي الذي أحرز  درجة أعلى مني، في إختبار الإملاء، فقط لأنني لم أُخطئ، ولأن أستاذتنا من أقربائه..؟

ألم أخبركم بمشواري التعليمي المُدجج بتقدير الإمتياز، وغرة المذاكرة التي مُلأت كؤوساً وجوائز لمسابقات خضتها من خلال مسيرتي، حتى تفوقت على ماراثون عُمري ولحِقت آخر مضمار توظيفي أول الواصِلين، ثم جاء متيزلنا وأخذ وظفية كانت ستكون لي أو بالأحرى إن لم تكن لي، ولكن ليست إلى هذا...؟

 

•نهج القطِيع

__

ولِما البُعد بالخيال وترك الواقع هكذا، أدخلوا على إحدى مواقع التواصل الإجتماعي التي باتت سرطان العصر، وتحققوا من إهتمامات جميع فئات المجمتع وبالأخص شبابُنا.

إبحثوا عن ميولهم، ماذا يتصفحون، وعن ماذا يقرأون؟؟

معظم الصفحات التي حازت على ذلك الكم الهائل من المتابعين ما هم إلا  صفحات كوميدية، أو غِناء، وليته غناء(...)، أو ربما صفحات لإحدى العاريات، أو لأحد المُلحِدين الذين سمّمو مجتمعنا.

والقليل من الصفحات التي تصنع المحتوى أو بمعنى أصح لها مسارات جليّة، لا تملك خمس متابعين.، لماذا..؟

لأن الخير لا ينتصر دائماً.

كل مظاهر وعد بلفور هذه(وعد من لا يملك لمن لا يستحق)

هذه  تنحر أحلام المجتمعات، ويختفي فيها الأدباء والفنانون والمثقفون الحقيقيون، ولا يجدون من يستمع لأفكارهمك.

 بينما ينتشر الفن الهابط، والإسفاف، ويسيطر على العقول ويمحى الوعي، لماذا....؟

فقط، لأن الخير لا ينتصر دائماً.

___

- محمد عبدالمالك

#M_abdulmalik