《ذكريات لا تموت》
جلس على كرسيهُ المفضل في ذلك المقهى الذي اعتاد ارتياده دائمًا، يحاوطهُ أصدقائه المفضلين، يتبادلون الابتسامات، يتشاركون تلك اللحظات السعيدة، وفي منتصف شروده مع أصدقائه، يخترق سمعهُ لحنٌ قديم، تصيبه الرعشة ويتسمر في مكانه، وتتساقط على قلبه المحطم كلمات الأغنية التي كانت محببةً لقلبه… كانت أغنيتها المفضلة… يستجمع قواه ويبتسم، مَن يعلم أنه يتألم مِن الداخل؟! فيعود مستنكِرًا لما حدث، وما زال الحنين ينهش أعماقه، تلك الذكريات لن تُغادِره أبدًا بل أصبحت خالدة، ذكريات جميلة ولكنها قاتلة! ذكريات ستقتُلُه يومًا بعد يوم إن لمْ يقتلها هو، ستبقى معه حتى النهاية وتظهر في الطرقات، في الصور، الأغاني، وحتى القهوة، حينها تجعل النسيان حُلم مستحيل المنال، يتساءل متعجبًا: إن كانوا يستطيِعُون نزع الأشياء الخطرة من أجسامُنا حتى الأعضاء التالفة يتمُ بترُها، فلِمَ لا ينتزعون إنسانًا مزروعًا بالقلب؟! لن يتغلب، قتلته التفاصيل الصغيرة، أصبح كالميت الحي، فيعود حاد الطباع، يعود ويبقى هكذا وحيدًا، يفاجئه لحنٌ قديم فيعود مغرمًا، ثم تبدأ مهزلته من جديد يفتقدها بحجم السماء، الأرض، البشر، نعم، بحجم كل ما له حجم يفتقدها، ويفتقد وجودها المطمئن، صوتها العذب المبهج، كلماتها المريحة، عيناها التي ينبثق منها الحب، يفتقد تفاصيلها التي تُشغله كثيرًا فتلهيه عن الحياة ومآسيها، يفتقد قدومها وفرحته بها، وكأنه أول عيد له، يفتقد قلبها الحنون، حضنها الدافئ، لكنه على يقين أنه سيجد من تنسيه تلك الذكريات، ويتشارك معها الأحلام، الأماني، الليالي، الصلوات، وكل ما هو جميل، تنتشل ضعفه وتملأه حب وحنان.
#نجوى_سيف_الدين
#مدونة_كتابات
 |
| الكاتبة/نجوى سيف الدين |
تعليقات
إرسال تعليق